تقارير

بنت الشاطئ.. مناصرة المرأة والقراءة الجديدة للتراث

يبدو أن الظروف الاجتماعية التي عاشت فيها الكاتبة عائشة عبد الرحمن أثرت بشكل كبير على اهتماماتها واهتماماتها الفكرية وإنتاجها العلمي، حيث حملت عائشة عبد الرحمن مسؤولية الاهتمام بقضايا المرأة وطالبت بمنحها العديد من الصلاحيات والمهام، في إضافة إلى دفاعها المستمر عن التراث الإسلامي واهتمامها الكبير بإعادة قراءة هذا التراث على ضوء المناهج العلمية الحديثة لتقدم لنا قراءة نوعية جديدة كانت ولا تزال رافداً مهماً من روافد التنوير العربي.

ولعائشة عبد الرحمن والتي كانت تُلقب بـ (بنت الشاطئ) تاريخ طويل من العمل العلمي ساهمت فيه بشكل كبير في انتصار القضايا التي تؤمن بها. ساهمت بنت الشاطئ في العديد من القضايا الساخنة المثارة في مجتمعها، ومن أهم هذه القضايا: قضية المرأة ومكانتها في الإسلام. ودار جدل حاد بينها وبين العقاد في هذا الموضوع. وقد ألف العقاد كتابا بعنوان “المرأة في القرآن” وأدرج في كتابه فقرات تحط من شأن المرأة، مثل أن النظافة ليست من اختصاصات المرأة. فقابلت عائشة العاصفة بالعاصفة وترجمت مشاعرها الغاضبة في مقال بعنوان “اللهم أنا صايمة” وأتبعت هذا المقال بمقالين آخرين ردا على العقاد.

عاشت عائشة وحيدة بعد وفاة زوجها أمين الخولي، ووفاة ابنها وابنتها، وهجرة ابنتها الثالثة مع زوجها. كرست بقية حياتها للعلم، ولم يتوقف عطاءها العلمي حتى وافتها المنية في 1 ديسمبر 1981. وأعلنت وزارة الأوقاف المغربية إقامة مقصورة عزاء لها، وصلى عليها. وأدى شيخ الأزهر شخصيا صلاة الجنازة في جنازة مهيبة على فقيد أحد أعلام العلم المشرق في العصر الحديث. وحضر جنازتها العلماء والأدباء والمثقفون الذين جاؤوا من كل أنحاء العالم لتوديع «بنت الشاطئ».

وعلى الرغم من الملاحظات والمداخلات النقدية التي يمكن تقديمها على الأعمال العلمية التي قدمتها عائشة عبد الرحمن، إلا أنها تعتبر نموذجا رائعا للنماذج المصرية المشرفة في الوطن العربي كله. وكانت لها مواقف فكرية شهيرة، واتخذت مواقف حاسمة في الدفاع عن الإسلام، تاركة وراءها سجلا من المناظرات الفكرية. التي حاربت بشدة؛ وكان أبرزها موقفها ضد التفسير الحديث للقرآن الكريم دفاعاً عن التراث وفق فهمها، ودعمها لتعليم المرأة واحترامها بالمنطق الإسلامي والحجة الفقهية الأصولية، موقفها الشهير من البهاء الإيمان وكتاباتها عن علاقة البهائية بالصهيونية العالمية.

حياتها:

ولدت عائشة عبد الرحمن في مدينة دمياط شمال مصر عام 1912م. وكما أوضحنا فإن طبيعة البيئة الاجتماعية التي عاشت فيها عائشة ساهمت بشكل كبير في تكوين وعيها. كان والدها من علماء الأزهر، وقد ربّاها تربية إسلامية، واقتربت منذ صغرها من… دراسات الفقه والأدب التي كان يدرسها والدها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى